خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 28 ذو القعدة 1442هـ ، الموافق 9 يوليو 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح ، للشيخ كمال المهدي:
١- وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
٢- فضائل العشر من ذي الحجة .
٣-ما ينبغي فعله من طاعات في هذه العشر.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م ، بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح، كما يلي:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :-
أحبتي في الله :- قال تعالى (وفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)[المطففين:٢٦]،وقال تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين)[آل:عمران:١٣٣].
إن المتأمل في هاتين الآيتين يجد أن الله جل وعلا يدعونا إلى التنافس والتسابق والإسراع إلى الخيرات التي هي سبيل للوصول إلى الجنات.
وإنه لمن العجيب أنك ترى إنسانا رزقه الله العقل حينما ينافس لا ينافس إلا على ما يفنى ويتناسى ما يبقى، ويسارع إلى الملذات المشوبة وينشغل عن الملذات الخالصة. فيا مَنْ مَنَّ الله عليه بالعقل السليم فَكِّر وتأمل في الشيء الذي يجب عليك أن تسارع إليه فاسلك سبيله، ودع كل منافسة تجلب لك الشقاء في الدنيا والآخرة.
يا من منَّ الله عليه بالعقل ها هي مواسم الخيرات والطاعات قد أقبلت ها هي العشر من ذي الحجة هذه العشر فضلها الله تعالى على غيرها وبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلها وقدرها وأمرنا بأن نستغلها ونتنافس فيها بل أخبرنا بأنها أفضل أيام الدنيا والعمل فيها أفضل من العمل في غيرها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
فيا أخي الحبيب :
يا باغي الخيرات أقْبِل * إلى ذي الحجَّة الشهر الحرام.
به العشر الأوائل حين هلت * أحب الله خيرا للأنام.
بها النفحات من فيض ونور * وعرفات فَشَمِّرْ للصيام.
بها النحر الذي قد قال فيه * إله العرش ذكرا للأنام.
بها الميلاد يبدأ من جديد * إذا ما القلب طُهر من سقام.
وبالحسنات فرج كل ذنب * إذا شئت الوصول إلى المرام.
ألا يا باغيَ الخيرات أقبل * فإن الشهر شهرٌ للكرام.
إذا استهواك شيطانٌ فأدبر * ولا تركنْ إلى الفعل الحرام.
******
فتعالوا بنا أحبتي في الله لنتعرف على فضائل هذه العشر. ليكون ذلك حافزاً لنا لاغتنامها.
**فمن أول فضائلها :- أن الله تعالى أقسم بها: وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ )[الفجر ١-٢] والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
** ومن فضائلها :- أنها الأيام المعلومات التي شرع الله تعالى فيها ذكره: قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).[الحج-٢٨]. وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة.
** ومن فضائلها كذلك :- أن فيها يوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً.
**ومن فضائلها :- أن فيها اليوم الذي أتم الله فيه النعمة وأكمل فيه الدين.
أخرج البخاري عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا” قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. [البخاري كتاب الإيمان].
** ومن فضائلها :- اجتماع أمهات العبادة فيها : قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
** ومن فضائلها :- أن فيها يوم النحر :وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، ففي سنن أبي داود (عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ).
***
أحبتي في الله :- هذه بعض من فضائل العشر من ذي الحجة وهناك العديد من الفضائل التي لا يتسع الوقت لذكرها. فلهذه الفضائل وغيرها حَرِيٌ بنا أن نغتنم هذه العشر انطلاقا من أمر النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده).
أيها الأحبة :-
إن الواحد منا إن لم يعرف هذه الفضائل لهذه العشر ويكون ذلك دافعا له للتنافس فيها واستغلالها فسيأتي عليه وقتٌ يعرف ذلك، ولكن حينها سيقول: ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)[الفجر: ٢٤] سيقول ( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[المؤمنون: ١٠٠].
* فبادر في اغتنام مواسم الخير، فإنَّ الرحيلَ قريبٌ، والخطرَ عظيمٌ، والناقدَ بصيرٌ، والله تعالى بالمرصاد، وإليه الرجوع والمآب، قال تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) [النجم: ٣٩ ]، وقال تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: ٧-٨].
فما هى الأعمال التي ينبغي علينا أن نفعلها في هذه العشر من ذي الحجة:-
* أول هذه الأعمال :- هو أن نستقبلها بتوبة صادقة ونفتح صفحة جديدة مع الله
فإن التوبة واجبة في جميع الأزمان، وما أعظمها في هذه الأيام قال تعالى :(فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِين) [ سورة القصص:٦٧].
* ثانيها :- بالعزم الجاد على اغتنام هذه الأيام.. فينبغي علينا أن نحرص حرصاً شديداً على اغتنام هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) [العنكبوت – ٦٨].
* ثالثها:-الإكثار من الصيام، فعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس)رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح.
* رابعها:-الإكثار من التكبير في كل مكان في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، وغيرها، يجهر به الرجال، وتسرُّ به المرأة، إعلاناً بتعظيم الله تعالى.
فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ )
فيا أخي الحبيب كَبِّر إذا دخلتَ بيتك حتى يسمعَك أهلُك وأولادُك فيكبِّروا بتكبيرك، وإذا دخلتَ السوق فكبر؛ لتشهدَ لك البقاعُ، وتُذكرَ في الملأِ الأعلى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل:(أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ ).
وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران؛ ويكبر الناس بتكبيرهما. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً
* خامسها:-الصلاة : وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:(وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ)[رواه البخاري].
* سادسها :-التقرب إلى الله بالأضحية ممن كان قادراً عليها.
فالأضحية مِن أعظم الشعائر، قال تعالى:(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [الحج: ٣٤].كما ينبغي علينا أن نعلم أن من أراد الأضحية عليه إذا دخلت عليه العشر أن لا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً حتى يذبح أضحيته، وهذا في حق رب الأسرة فقط وليس على جميع أفرادها؛ فعن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحى فليمسك عن شعره وأظفار”(رواه مسلم).وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نوى.
*سابعها :- الصدقة : فيستحب للمسلم الإكثار من الصدقة في هذه الأيام المباركة ، وقد حث الله عليها ،فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:٢٥٤]، وقال رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) [رواه مسلم].
*وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي: قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان وغير ذلك من أنواع الطاعات.
فبادروا أحبتي في الله على هذه الطاعات في هذه الأيام المباركات وتنافسوا وسارعوا. قال الحسن البصري رحمه الله: “المبادرة المبادرة؛ فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية (إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً)[مريم:٨٤]،، فاغتنموا هذه الأيام رحمكم الله في زمن المهلة”.
وأحسنوا استقبالها قبل فوات الأوان. وأكثروا فيها من الدعاء. فالسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً…
ليالي العشر أوقات الإجابة * فبادر رغبة تلحق ثوابه.
ألا لا وقت للعمال فيه * ثواب الخير أقرب للإصابة.
من أوقات الليالي العشر حقا * فشمر واطلبن فيها الإنابة.
****
أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاغتنام هذه الأيام لأيام المباركة وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي. إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف